حوارات

إبراهيم السجيني، مساعد وزير الصناعة للشئون الاقتصادية:

حوار : فاروق اسامة فاروق - تصوير : عبدالرحمن عمرو

حوار : فاروق اسامة تصوير

اخراج ومونتاج : عبدالرحمن عمرو

مصر كانت جاهزة لأزمة ارتفاع الأسعار الأزمة بدأت في الانفراج نسبيًا مع تحويلات المصريين العاملين بالخارج وزيادة دخل قناة السويس
.عندما تملك صناعة قوية تضمن استقلال القرار المصري 100%، تبذل الحكومة المصرية الكثير من الجهود لتوفير العملة الأجنبية والقضاء على الأزمة التي تعاني منها حاليًا، وتظهر آثارها على الكثير من القطاعات، وأدى شح العملة الصعبة أو الفجوة الدولارية إلى صعوبات في استيراد المواد الخام اللازمة للمصانع، وارتفاع الأسعار لمستويات غير مسبوقة منذ 5 سنوات.

وفي لقائنا مع إبراهيم السجيني، مساعد وزير الصناعة للشئون الاقتصادية، تحدث عن دور الحكومة في توفير دولار الواردات، وأبرز تحديات الحكومة في المرحلة المقبلة.
وإلى نص الحوار:
حدثنا عن جهود الحكومة في توفير دولار الواردات، وهل نستطيع القول إن مصر ليست في أزمة اقتصادية؟
لو تحدثنا عن أزمة الدولار يجب أن نرجع قليلًا في الزمن إلى “كوفيد 19” مرورًا وما بعدها حتى زيادة الأسعار الحالية، حيث كانت واردات مصر في عام 2021، الواردات الصناعية فقط وليست البترولية 80 مليار دولار، وكنا متوقعين أن هناك أسعارًا تضخمية ستحدث في الربع الأخير من 2021.

والثمانين مليارًا كانت مقسمة كالآتي: سلعة لا يمكن الاستغناء عنها وهي الخامات والمواد الخام، وكانت حوالي 28 مليار دولار، وقطع غيار وآلات ومعدات في حدود 26 مليار دولار.

وبالتالي إجماليًا تصل إلى 54 مليار دولار من الفاتورة الاستيرادية الخاصة بمصر، وباقي الفاتورة هي عبارة عن سلع نهائية وسلع استهلاكية وسلع رأس مالية.

وكان هناك توقع أن ترتفع الأسعار نظرًا للأزمة التي حدثت في العالم وقتها وهي “فيروس كورونا”، وكان هناك نقص في سلاسل الإمداد على المستوى العالمي، وارتفاع في تكلفة الشحن.

وكانت مصر جاهزة لهذا، وتضع في اعتبارها هذه الظروف بداية من 2022 في ظل الأزمة الأوكرانية الروسية التي أثرت بشكل بالغ على دول العالم، خصوصًا مصر التي تعتمد بشكل أساسي على روسيا وأوكرانيا في القمح، فمصر تعتبر هي الأولى على مستوى العالم بعد الصين في استيراد القمح، وكانت معظم احتياجاتها الغذائية تقوم بشرائها من روسيا وأوكرانيا.

ثانيًا: الزيوت وارتفاع أسعارها بشكل كبير بعد الأزمة العالمية، وبالتالي زيادة الدولار وتكلفته على الدولة، كما نعتمد على روسيا وأوكرانيا في توفير الدولار أيضًا عن طريق السياحة، فالسياحة الشاطئية لدى مصر معظمها سياح من دول شرق أوروبا وهما “روسيا وأوكرانيا”.

ومصر تأثرت تأثرًا بالغًا بالأزمة وواجهت أزمة في العملة الأجنبية، وعندما حدث نقص في العملة الأجنبية في مصر كان أمام الدولة خياران: الأول أن نقوم بزيادة الإيرادات بأي شكل أو تخفيض التكاليف من العملة الأجنبية بحيث لا تؤثر على الاقتصاد المصري، والذي للأسف الشديد تدهور كثيرًا نتيجة الأزمات العالمية المتكررة، فالأسعار العالمية زادت جدًا، خصوصًا السلع الاستراتيجية الهامة مثل القمح، حيث كان سعر طن القمح قبل الأزمة يتراوح بين 200 و220 دولارًا، وبعد الأزمة أصبح سعره 500 دولار، وهذا يمثل عبئًا كبيرًا على موازنة الدولة من العملة الأجنبية.

وبالتالي الأزمة التي حدثت في الفترة الأخيرة، تأثرت بها بعض البضائع التي تكدست في الموانئ نظرًا لأن هناك نقصًا في العملة الدولارية.

ولكن في النصف الثاني من 2022، بدأت الأزمة في الانفراج نسبيًا مع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وزيادة دخل قناة السويس وبعض المصادر التي بدأت الدولة التصرف فيها لإيجاد عملة أجنبية في مصر، ما أدى إلى حلحلة الأزمة قليلًا.

ولا ننسى أيضًا الأسواق الموازية في التعويم، فهذه من الأشياء الخطيرة في مصر، حيث تجد سعرين أمامك؛ سعر رسمي وسعر موازٍ، وهذا الأمر الذي تسعى الدولة جاهدة إلى التخلص منه وأن تركز كل جهودها على أن تواكب الأسعار الحقيقية للدولار.

ونأمل أن تنتهي الأزمة بين روسيا وأوكرنيا قريبًا لأنه سيؤدي إلى استقرار السوق العالمية، فموجة التضخم التي نراها الآن هي بسبب الحرب، وهذه الأزمة ليست في مصر فقط ولكن في العالم كله الأسعار تزيد.

لكن نأمل إن شاء الله في المستقبل القريب فيما يتعلق بسؤالك أن يكون هناك حلحلة في الدولار، ويتاح منه الكثير، وبالتالي نستطيع أن نستورد المنتجات التي نريدها، خصوصًا الخامات الضرورية جدًا في الصناعة.

وفي النهاية، أعتقد أنه في الفترة المقبلة سيكون هناك حلحلة في الدولار.

حدثنا عن منطقة التجارة الأفريقية الحرة، ومتى نصل إلى تحالف اقتصادي أفريقي يكون قادرًا على مواجهة التحديات العالمية؟
الاتفاقيات عمومًا الهدف الأساسي منها هو كيف ستستفيد مصر وكيف تفتح أسواقًا جديدة خارج السوق المصرية، وهذا يكون عن طريق عمل اتفاقيات دولية.

وهذه الاتفاقيات تؤدي إلى إزالة العوائق أمام دخول الصادرات إلى الدول الأخرى، كما أن أفريقيا سوق واعدة ولنا معها اتفاقيتان، الأولى “الكوميسا”، وهي عبارة عن اتفاق لدخول السلع والبضائع إلى أفريقيا بدون جمارك، وهو داخل حيذ التنفيذ منذ فترة، والاتفاقية الأخرى الشاملة (اتفاقية منظمة التجارة الحرة الأفريقية) وبها 54 دولة، ودخلت تلك الاتفاقية حيز التنفيذ في بداية 2021.

وفي أغسطس 2022، كانت أول صفقة صادرات مصرية في دولة غانا تحت مظلة الاتحاد الأفريقي بدون جمارك، وهذه الاتفاقيات تساهم في زيادة الصادرات المصرية وزيادة العملية الإنتاجية، وبالتالي زيادة الدخل من العملة الأجنبية، ويمكن من خلال تلك الاتفاقية أن تصبح مصر “هاب” للدول الأفريقية من خلال موقع مصر الاستراتيجي لأفريقيا وأوروبا، وأن تجلب مصر مستثمرين في مناطقها الاستثمارية الحرة من خارج القارة الأفريقية لتصنيع منتجاتهم في مصر وتصديرها إلى الدول الأفريقية بكل سهولة وبدون جمارك، وهذا يساهم في زيادة الاقتصاد القومي وزيادة إنتاج المصانع.

الصناعة تمثل عصب الاقتصاد المصري، حدثنا عن الخطة الصناعية في رؤية مصر سنة 2030؟
إذا أردت أن تبني اقتصادًا حقيقيًا يجب أن تهتم جيدًا بالصناعة وزيادة عدد المصانع التي تنتج منتجات مختلفة لسد احتياجات السوق المصرية وتصدير الفائض، فعلى سبيل المثال تتمتع دولة الصين باقتصاد قوي، لماذا؟ لأنها لديها صناعة قوية، فهي تعتبر ثاني اقتصاد عالمي بعد أمريكا، حيث اعتمدت على التصنيع وليس الاستهلاك، فالتصنيع هو الذي يبني عكس الاستيراد الذي يهدم ولا يبني الاقتصاد، خصوصًا السلع التي لها بديل محلي، ورؤية مصر في 2030 هي تعميق الصناعة وتصنيع المادة الخام نفسها، ومن المادة الخام نفسها يتم تصنيع منتج مصري 100%، وهذا يؤدي إلى زيادة القيمة المضافة للمنتج، فعندما نتحدث عن الصناعة نتحدث عن اقتصاد قوي وتقليل البطالة ودوران سريع لحركة البيع والشراء ودوران عجلة الإنتاج.

المبادرات الرئاسية المصرية أحدثت طفرة في الصناعة المصرية، من وجهة نظرك كيف ترى الصناعة المصرية خلال الفترة المقبلة؟
المبادرات الرئاسية من الرئيس مهمة جدا والتركيز في ملف الصناعة، حيث بدأنا نفتح مصانع ونصنع أشياء كانت غير موجودة في مصر، وحل مشكلة الأسمدة الآزوتية على سبيل المثال، والتي لها احتياج ضخم في المجال الزراعي والأسمدة، والتي توفر التكلفة الدولارية التي كانت مصر تدفعها في استيراد الأسمدة الآزوتية، فعندما تملك صناعة قوية تضمن استقلال القرار المصري 100%، وأتمنى أن نصل إلى الاكتفاء الذاتي في جميع المنتجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى