حوارات

العنوسة بين آراء المتخصصين والرجال والسيدات

كتبت : سلمى داوود

“قطر الجواز فاتك.. وعنستي”، جملة تقال دائمًا لأي بنت تعدى عمرها 30 سنة، فما معنى كلمة عنوسة؟

المعنى الحرفي للعنوسة هو الصخرة التي تتسبب في ركود المياه، وبدأ إطلاق هذه الكلمة في مجتمعاتنا العربية على الرجل والمرأة اللذين لم يتزوجا، لكن نستطيع القول إنه موجه للفتيات أكثر.

ويعتبر هذا اللقب كابوسًا أسود لأي فتاة تسمعه، ورغم أنه يمكن إطلاقه على الرجل أيضًا، لكن الرجل دائمًا لا يعيبه عدم زواجه في أي شيء، وهناك المثل الشعبي “الراجل ميعيبوش إلا جيبه”، ولكن الفتاة لها عمر معين ثم تصبح غير مطلوبة للزواج، وتبدأ في سماع جمل مثل “عنستي”، و”كبرتي على الجواز”، و”مش هتلاقي عرسان”… إلخ.

فهل العنوسة سببها الرجل أم المرأة؟ وما أسبابها من وجهة نظر الناس والمختصين؟

الإحصائيات أشارت إلى أن نسبة العنوسة في مصر تزيد كل عام، حيث يوجد في مصر 11 مليون فتاة و2.5 مليون شاب تجاوزوا الـ 35 عامًا ولم يتزوجوا، وتتباين هذه النسبة بين المحافظات، فمثلًا المجتمع الحضري نسبته تصل إلى 38%، أما محافظات الحدود فسجلت 30%، ومن بعدها محافظات وجه بحري التي تصل إلى 27.8%، والوجه القبلي 25%.

رأي الجمعيات النسائية في العنوسة

 ترى وفاء صلاح، عضو جمعية “السلام”، أن هناك كثيرًا من الفتيات تجاوزن الـ 30 عامًا والمجتمع لا يطلق عليهن لقب “عانس”، وعادة يكون كل تفكيرهن في العمل والحصول على وظيفة جيدة وليس الزواج.

وأكدت أن العنوسة الزائدة سببها الأساسي ارتفاع الأسعار، مشيرة إلى أن المتطلبات صعبة جدًا على الشباب والبنات، يعني لا نستطيع القول إن السبب الوحيد في العنوسة هو الشباب، وأنهم لا يريدون تحمل المسئولية، مع أن هذا طبعًا سبب كبير.

وتابعت: “نحن في الجمعية نرى نماذج لأناس يطلبون مساعدة لعدم قدرتهم على الزواج لحاجتهم إلى غلاية كهربائية مثلًا، وعلى صعيد آخر نرى أشخاصًا يتزوجون بأقل الإمكانيات مع أنهم يستطيعون إحضار أكثر، غير أن الأهالي يصعبون الموضوع، مثل أهل عروس يشترطون شبكة يقيمة عالية لا يقدر عليها العريس، بالتالي يلجأ الشباب والبنات لعلاقات غير صحيحة مع ناس غير أسوياء، وهذا يؤدي إلى صدمة تجعلهم يتعقدون من الجنس الآخر”.

اهتمام الرجل والمرأة أصبح بعيدًا عن الزواج

فيما أوضحت الإخصائية والمعالجة النفسية آلاء عبد المحسن، أنها ضد استخدام مصطلح “عنوسة” لما يحمله من وصمة، كما أنه يقلل من قيمة من يوصف به، ويحدد عمرًا معينًا للزواج سواء للذكر أو الأنثى.

وقالت إن هناك أسبابًا مختلفة لتأخير الزواج وتختلف من وقت لآخر، فقبل عشر سنوات كان الزواج يتم في سن مبكرة، وأدت زيادة الوعي والتعليم إلى تغيير سن الزواج، وأصبحنا الآن نرى أشخاصًا كسروا سن الثلاثين ولا يوصمون بالعنوسة، وأصبح لديهم أهداف أخرى غير الزواج من أجل الزواج والتخلص من لقب العانس، بل أصبح اهتمام المرأة أكبر؛ بتحقيق “كارير” لها ومستقبل، والرجل أصبح يبحث أكثر عن تحسين مستوى المعيشة في ظل الأزمات الاقتصادية وغلاء الأسعار.

وأضافت: “لكن لا شك أنه في بعض المجتمعات، خاصة في القرى، إذا تجاوزت المرأة سن العشرين أصبحت بالنسبة لهم عانسًا، ما يضغطها ويجعل هدفها يتحول إلى اختيار أي رجل للتخلص من الخوف من لقب عانس بدلًا من اختيار زوج مناسب”.

وأشارت إلى أنها تلاحظ أيضًا بعيدًا عن الانشغال بالعمل وتحقيق الذات وعن الأزمات الاقتصادية، هو أن الكثير من الشباب لديهم خوف من المستقبل وعدم ثقة في الطرف الآخر  trust issues، وهذا يجعلهم يقلقون جدًا من فكرة الارتباط لما يرونه في المجتمع من ارتفاع نسبة الطلاق والخيانة.

واستطردت: “أيضا سبب آخر لاحظته بصفة شخصية، وهو أن معظم علاقات الارتباط الآن سوشيال ميديا، وأصبح هناك كره كبير لفكرة الزواج التقليدي المشهور بجواز الصالونات”، لافتة إلى أن “السبب في هذا هو أنه لا توجد وسيلة تعارف صحية، وفي الوقت نفسه، يرفض الكثير، خاصة مواليد بداية التسعينات والثمانينات بالتحديد، فكرة التواصل عن طريق السوشيال ميديا، وهي فعلًا معظمها علاقات غير جادة، وهذه حقيقة أؤيدها، فأصبحوا يفتقرون لطريقة للتواصل ولقاء شريك حياتهم”.

إدراك الناس وتفتحهم سبب كبير للعنوسة

وقالت إنجي إن “إدراك الناس وتفتحهم سبب كبير للعنوسة، بسبب أنهم أصبحوا يتأنون جدًا في اختيارهم ويدرسونه جيدًا، فلم نصبح مثل أيام زمان، أول عريس يأتي تتم الموافقة عليه، وآخر همومنا هو الزواج”.

وأضافت: “المال ليس شيئًا أساسيًا لدرجة أن يتم تأجيل الزواج بسببه، فمن يريد الزواج بأقل تكاليف سيقدر”.

وتابعت: “من وجهة نظري، أنه كلما كان الزواج مبكرًا كلما كان أسهل، فما نفكر فيه ونحن في سن صغيرة البيت الجديد وأنني سأصبح مسئولة عن نفسي فقط، لكن في نفس الوقت الزواج مبكرًا سبب أساسي للطلاق وتشتت الأطفال بين الأب والأم بسبب أننا لا نختار بشكل جيد”.

وذكرت أن عمل المرأة ليس سببًا لتأخر زواجها، لكن الرجل أصبح يستسهل هذا الحل، فقديمًا كان الرجل يعمل في أكثر من وظيفة ليكفي متطلبات بيته، أما الآن أصبح يعمل في وظيفة واحدة بصعوبة.

فيما قالت زينة إن مصطلح العنوسة خاطئ جدًا، وإن المرأة الآن تستطيع عمل أشياء كثيرة جدًا، وليس مجرد الزواج.

وترى أن الظروف الاقتصادية والبطالة من أكبر تأخر أسباب سن الزواج، بالإضافة إلى طلبات الأهالي.

وشددت على أنه يجب على الفتاة العمل لتجهيز نفسها، فقديمًا كان الراجل يحضر كل شيء، وليس معنى أن المرأة تجني أموالًا أنها لا تريد الزواج، والمرأة الآن تعمل لتساعد أهلها وبيتها، وأضافت: “أرى أن عمل المرأة في صالح الرجل قبل أن يكون عليه”.

وكان رأي الشباب مختلفًا عن البنات تمامًا، فقال إسلام إن عدد البنات أكبر من عدد الشباب، والسبب الثاني أن مستلزمات الحياة غالية جدًا، وقال: “لو جالي فلوس زيادة هبقى عايز أبسط نفسي بيها لأن مش هقدر أتجوز بإمكانيات قليلة، غير إن المرتبات يا دوب تكفي شخص مش أسرة”.

وأضاف أن الشباب يرون أنهم بزواجهم سيظلمون من يتزوجونها بسبب عدم قدرتهم على الإنفاق بشكل جيد.

ونوه إلى أن عمل المرأة ليس سببًا للعنوسة فقط، ولكن هو سبب في صعوبة المعيشة أصلًا، فالآن 90% من أي شركة بنات، وهذا بسبب قلة مرتباتهن، والمديرون يرون أن الأفضل إحضار فتاة بدلًا من ولد، وهذا زاد بطالة الشباب وبالتالي العنوسة، غير أن الفتيات أصبحن لا يردن أن يتحكم أحد في حياتهن بعد ما وصلن لأشياء كثيرة، ويرين أن الزواج يؤخرهن.

ورأى آخرون أنه يمكن القضاء على ظاهرة ارتفاع سن الزواج عن طريق حل أزمة السكن، وتوفير فرص العمل، وتنمية مهارات وقدرات الشباب، وإطلاق المشروعات الخيرية التي تُسهم في زواج الشباب، ونشر الوعي الديني، ونشر ثقافة الأولويات، والضروريات، والتقليل من أهمية المظاهر، والتصدي للعادات الخاطئة بالتوعية من خلال جميع وسائل الإعلام.

من جانب آخر، ناقشت الدراما والأفلام مشكلة العنوسة وأثرها على البنات، مثل فيلم “بنتين من مصر” الذي كان يتحدث عن فتاتين تواجهان مشكلة تأخر الزواج.

ومسلسل “عايزة أتجوز” الذي حقق شعبة جماهيرية كبيرة جدًا، ويعتبر من أهم الأعمال الفنية التي ناقشت مشكلة العنوسة بشكل كوميدي، وكان يتكلم عن دكتورة صيدلانية، وكانت هي وكل زميلاتها يبحثن عن عرسان، وكانت كل حلقة بعريس جديد، وتعرض الاختلافات التي تجعل إكمال الزواج صعبًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى