حوارات

الهلال الأحمر: المتطوعون وسطاء لتغيير السلوك.. والشباب أساس العمل التطوعي في مصر

محمود حمدي عبدالخالق مع آمال إمام المدير الوطني للشباب والتطوع بالهلال الأحمر المصري

اجرى الحوار محمود حمدي عبدالخالق

تعتبر جمعية الهلال الأحمر المصري، جهازًا مساعدًا للسلطات الحكومية في زمن السلم والحرب، وتقوم فلسفتها على النشاط الأهلي والجهود التطوعية للأعضاء والمتطوعين.

تلتزم الجمعية، وهي عضو في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، في عملها باتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها، بالإضافة إلى المبادئ السبعة للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي الإنسانية، وعدم التحيز، والحياد، والاستقلال، والخدمة التطوعية، والوحدة، والعالمية.

يعمل الهلال الأحمر المصري على مواجهة أخطار الكوارث والنكبات العامة بالتنسيق مع الجهات الحكومية والاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر والجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات القومية والدولية.

كما يقدم الهلال خدمات التنمية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا والخدمات الصحية والطبية، مع التركيز على سبل الوقاية والإسعاف الأولي وتشجيع التبرع بالدم.

وتقوم الجمعية ضمن مهامها بنشر مبادئ القانون الدولي الإنساني والمُثل الإنسانية لتحقيق المساواة وعدم التمييز.

يقع المركز العام للهلال الأحمر المصري بالقاهرة، فيما توجد فروع للجمعية في جميع محافظات الجمهورية، ويتمتع كل فرع باستقلالية ذاتية، حيث يُشكَل مجلس إدارة كل فرع بالانتخاب من بين أعضاء الجمعية العمومية لكل فرع، كما يجب أن يكون به عضو منتخب ممثل عن الشباب.

 أكثر من 100 عام على تأسيس الهلال الأحمر

وقالت الدكتورة آمال إمام، المدير الوطني للشباب والتطوع بالهلال الأحمر المصري، إن الهلال الأحمر يعمل منذ أكثر من مائة عام، منذ 1911 في خدمة الإنسانية وخدمة البلدان في كل الأزمات، وأيضًا في التنمية الاجتماعية والرعاية الصحية وتمكين الشباب بشكل عام.

وأضافت “إمام” أن اليوم العالمي للهلال الأحمر تحتفل به الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر، وهو عبارة عن 192 جمعية في كل البلدان، ويوجد إمّا الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر في كل بلد، بالإضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي للهلال والصليب الأحمر.

وأشارت إلى أنهم يشكلون حركة دولية يتم الاحتفال بها في 8 مايو كل عام، وهو ما يوافق ذكرى مولد مؤسّس الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر هنري دونانت، صاحب فكرة إنشاء جمعيات إغاثية لديها متطوعون تعمل على إكسابهم مهارات الإسعافات الأولية حتى يكون لهم دور في إغاثة ضحايا الحروب، ثم تطور الأمر إلى العمل على الإغاثة بشكل عام.

الهلال الأحمر جهاز مساعد للحكومات في زمن السلم والحرب

وعرفت مدير إدارة التطوع بالهلال الأحمر المصري، جمعية الهلال الأحمر المصري بأنها جهاز مساعد للسلطات الحكومية في زمن السلم والحرب، وتقوم فلسفتها على النشاط الأهلي والجهود التطوعية للأعضاء والمتطوعين.

ما هو العمل التطوعي؟

وعن العمل التطوعي، قالت الدكتورة آمال إمام، إنه تقديم خدمة ما للأفراد أو المجتمع بلا مقابل، وله عدة صور منها؛ العمل الخيري، والمشاركة في المبادرات المجتمعية، ومساعدة الآخرين بخدمات بسيطة، وعدة صور أخرى.

 أهمية العمل التطوعي ودوره في نهضة المجتمع 

 وأوضحت “إمام” أن للعمل التطوعي أهمية على مستوى الفرد والمجتمع، فهو يساهم في تكاتف المجتمع وزيادة المودة والمحبة من خلال تقديم المساعدات للآخرين، ويوفر الفرص للمشاركة والتفاعل بين المتطوعين وأفراد المجتمع، كما يخفف حجم الأعباء على الدولة من الناحية المادية والذهنية، حيث يوفر موارد وخدمات كثيرة لأبناء المجتمع.

 التطوع يجعل الأفق أوسع والسلوك إيجابيًا

وذكرت “إمام” أن المتطوعين وسطاء لتغيير السلوك، حيث يستطيعون أن يروا التغيير ويقودونه في مجتمعهم، ووضع مبادرة وفكرة والبدء في قيادتها من أجل تنفيذها.

 وأضافت: “المتطوع يرى الواقع من حوله بشكل إيجابي، والتطوع يجعلنا نفتح إدراكنا والتعرف على احتياجاتنا بشكل أكبر فى المجتمع، وبالتالي يكون السلوك منعكسًا وإيجابيًا جدًا”. 

 ولفتت إلى أن التطوع يفتح المدارك ويجعل الأفق أوسع، حيث يتعرف المتطوع على احتياجات أكثر في المجتمع، ويخرج من الإطار الضيق لبيئته سواء المدرسة أو الجامعة أو البيت، وهو ما ينعكس في السلوك الإيجابي للمتطوعين في نهاية المطاف.

 فرص متنوعة للشباب للتطوع في الهلال الأحمر

وبينت “إمام” أنه يوجد أكثر من مجال يمكن للشباب التطوع فيها بجمعية الهلال الأحمر، حيث يمكن أن تتطوع وتكون مدربًا في الإسعافات الأولية، وهذا بشرط أن تكون لك خلفية طبية، ويمكن أيضًا، إذا كان لديك خلفية طبية كبيرة، أن تكون عضوًا فى فريق الخدمات الصحية الذى تكون خدماته من خلال قوافل طبية وبرامج مختلفة لها علاقة بالتغذية والماء.

 وتابعت: “أما إذا كنت مهتمًا بالهلال الأحمر المصري وليس لديك خلفية طبية، فبالتأكيد لديك فرصة في مجالات أخرى كثيرة، حيث يوجد أكثر من برنامج في الهلال الأحمر يمكن أن تنضم لها، منها فريق التدخل أثناء الطوارئ، والذي يتدخل في الإسعافات الأولية وإخلاء المصابين أثناء أوقات الطوارئ والكوارث، وفريق الاستجابة أثناء الكوارث، وهو منتشر في جميع محافظات مصر، ودوره التحرك وقت حدوث الكوارث ليقدم المساعدات، وإقامة مخيمات الإعاشة، ويساعد المتضررين ويقيِّم احتياجاتهم ويقدم لهم كل الخدمات التى يحتاجوها خلال فترة تواجدهم، ويوجد الكثير من البرامج الأخرى التي يمكن لأي شخص أن يتطوع بها”.

 كيفية تدريب وتأهيل المتطوعين على التصرف وقت الأزمات

ولفتت مدير إدارة التطوع بالهلال الأحمر المصري إلى أن المختصين والمدربين يقومون بتدريب الشباب والفتيات على الإسعافات الأولية بشكل علمي على كيفية إنقاذ المصابين فى الحوادث.

 وأشارت إلى أنه يوجد تدريب على التدخل السريع وقت الأزمات، وكيفية التصرف مع حالات المصابين وتقديم المساعدات لهم، وتأهيلهم نفسيا على كيفية تقديم الدعم النفسي للمتضررين وقت الطوارئ وفى غير حالات الطوارئ، خاصة للأطفال ومرضى الأورام.

 ونوهت إلى أن من برامج التدريب أيضًا؛ تدريب فرق الهجرة، وهذا الفريق يتعامل مع المهاجرين واللاجئين، بالإضافة إلى التدريب على الصحة الاجتماعية، ومهمة هذا الفريق مساعدة المجتمع على أن يكون أكثر صمودًا في مواجهة كل ما يتعلق بالصحة، وتدريب فرق الحد من الكوارث، ودوره توعية الأشخاص للتعامل مع الكوارث قبل وأثناء وبعد خروجها.

 الهلال الأحمر.. ذاكرة الأمة

جدير بالذكر أن جمعية الهلال الأحمر المصري تأسست عام 1898، بناءً على دعوة من الشيخ محمد عبده، وكان هدفها جمع التبرعات لرعاية أيتام وأرامل وجرحى الحملة المصرية على السودان، التى تمت في عهد الخديو عباس حلمي الأول.

سقط في هذه الحملة العديد من أبناء الجيش المصرى ما بين قتيل وجريح، وكانت مبادرة الشيخ محمد عبده بتأليف هيئة لحصر ضحايا الحرب وتنظيم المعونة لهم من تبرعات المحسنين بعد أن اعتذرت الحكومة عن عدم مد يد العون ومساعدة الضحايا.

وقامت الجمعية الوليدة بدورها فى ذلك الحين، لكن خبا وهجها، حتى أججها من جديد وضع إنسانى استلزم التآزر، وهو الغزو الإيطالي لليبيا عام 1911، وشعور الشعب المصرى بمختلف طبقاته بضرورة مساندة إخوانهم الليبيين، وهذه المرة تولى الدعوة وجمع التبرعات الشيخ على يوسف صاحب جريدة «المؤيد»، الذى كان صديقًا مقربًا من الخديو عباس حلمى الثانى.

أعيد تأسيس الهلال الأحمر المصرى، وترأس مجلس إدارته الشيخ على يوسف، وانهالت التبرعات على الجمعية من كل محافظات مصر، ومن جميع فئات المجتمع، ودعمت أمينة هانم إلهامى، والدة الخديو، الجمعية الوليدة، وتبرعت لها وتحملت نفقات تجهيز البعثة الطبية المصرية لطرابلس التي خرجت من مصر فى نوفمبر 1911.

وفي أكتوبر 1912، تنازل الشيخ على يوسف عن رئاسة الجمعية للأمير محمد على توفيق شقيق الخديو، بالإضافة لوضع الجمعية تحت رعاية أم المحسنين والدة الخديو، ثم وضعت الجمعية تحت رعاية الخديو شخصيًا فى فبراير 1913، وفى هذا التاريخ صدرت اللائحة الأساسية للجمعية، وفيها أن هدف الجمعية الأساسي معالجة الجرحى ومداواة المرضى من الجنود في زمن الحرب، وتغذيتهم وتخفيف آلامهم، كما تقوم الجمعية أيضًا بمساعدة جرحى الجنود الأجنبيين المحاربين لنا وفق اتفاقيات جنيف، وفي زمن السلم تعُاون الجمعية البؤساء الذين يصابون بمصائب عامة في أنحاء القطر المصرى.

فتح الهلال الأحمر المصري العضوية أمام الجميع على اختلاف الجنس والجنسية والدين، ومجلس إدارتها الأول كان يضم في عضويته مصريين وغير مصريين ومسلمين وأقباطًا ويهودًا، لكنها للأسف منعت النساء من أن يكنّ عضوات مؤسسات أو عاملات، لكنهن فقط عضوات شرف أو مكتتبات، ولم يحدث تغيير فى لائحتها الأساسية في هذا الشأن إلا عام 1959 فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

والجمعية لها فروع في جميع المحافظات المصرية، ولها في القاهرة عدة مقرات بالنهضة وحلوان والمقطم وفرع زينهم.

وتسعى جمعية الهلال الأحمر المصري لتخفيف المعاناة الإنسانية، خاصة في مجالات الإغاثة ومواجهة الكوارث ومجالات الصحة العامة والمجتمعية، ونشر مفاهيم القانون الدولي الإنساني بين فئات المجتمع المختلفة، والدعوة إلى إعمال أحكام ذلك القانون، ونشر الوعى بأحكام اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها.

وتعمل الجمعية على إقامة روابط قوية وعلاقات وثيقة مع المجتمع الدولي من خلال تعاونها وشراكتها مع مكونات الحركة الدولية للصيب الأحمر والهلال الأحمر، والمنظمات الهيئات التابعة للأمم المتحدة والحكومات الأجنبية لخدمة الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى