حوارات

“فوزية رفاعي محمود: قصة قوة وصمود لأم معيلة تحقق النجاح رغم التحديات”

كتابة : ياسمين عادل السيد

بطلة قصتنا اليوم فوزية رفاعى محمود، من محافظة القاهرة، والتي تحكي حكايتها قائلة:

نحن أسرة مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال، ابنتى تقى أصغرهم سنًا، كانت طفلة عادية وهادئة، ولكن بعد مرور كم شهر تفاجأت بأعراض عند نومها، حيث تستيقظ بعد مرور ساعة ببكاء فظيع، ولم نعرف السبب وظهرت عليها أعراض غير عادية لم أرها فى إخوتها.

طرقنا أبواب الأطباء والشيوخ، ولم نصل لشيء، فكلما أذهب إلى أي طبيب تكون دموعي هي الشيء الوحيد الذى يحكى مشكلة ابنتى، وأخرج من عند الطبيب بخيبة الأمل، لكن بداخلى حسن ظن بالله وإرادة أن أراها فى أحسن حال.

وكان كل كلامهم أنها لن تتقدم، وأن عوضنا على الله، وستظل كما هى، كنت أخرج من عندهم في أسوأ حال.

إلى أن دلنى أحد إلى معهد السمع والكلام، وبدأنا رحلة التخاطب، وطبعًا نظام حياتى تغير، مع العلم أن والد تقى طبيعة عمله كانت خارج القاهرة 45 يومًا وإجازة 10 أيام، والمفروض أن أكون زوجة وأم لأولادى بجانب عملي، وكنت أسابق الوقت بالالتزام بجلسات التخاطب لأنها لم تتكلم.

 وفى هذا الوقت، كان أولادى في الثانوية بمراحلها، وعندى إعدادية، ولضيق الوقت اضطررت أن أعطى لتقى الجلسات فى المنزل.

وكل هذا الوقت والدتى معي لظروف سفر زوجى.

وبدأت تقى دخول سن الدراسة، وطبعا أولادى الكبار لهم طلبات من مذاكرة وكل ما يلزم يومهم من طلبات، وكانت الصدمة الثانية أنها لم تستوعب أي درس، وأكد المدرسون أنها لم تتجاوب معهم فى الفصل.

وبدأت أتواصل مع المدرسين بالدروس الخاصة، ورزق الله تقى بأصحاب القلوب الرحيمة، وطبعا هي عانت كثيرًا ونفسيتها كانت سيئة، لدرجة أنها في مرة وقعت من على سلم المدرسة، والمدرسون ذهبوا بها للمستشفى بدون علمنا، وتمت خياطة 4 غرز فى رأسها، وما زال المكان موجودًا وهى لم تنسَ إلى الآن.

والحمد لله بفضل من ربنا وكرمه أخذت الابتدائية، وكانت بالنسبة لى معجزة، ودخلنا إلى مرحلة الإعدادى تأهيل مهنى، فكانت صعبة جدًا عليها ورسبت سنتين، وتم تحويلها إلى معهد تأهيلى بفضل الله كان يبعد محطة معن مكان عملى، وطبعا سألت زملائي عن أحد هناك للعناية بتقى، والحمد لله كان هناك تواصل.

وفى كل هذه المراحل المدرسة الابتدائية حولتها للتأمين وطبيبة نفسية وعصبية، وتأخد علاجًا بعد عمل أشعة لأن لديها بؤرة فى المخ فى مركز الذاكرة وكهرباء عالية.

وابنتى الكبيرة فى هذا الوقت دخلت كلية رياض الأطفال، وابنى دخل مدرسة 5 سنوات مساعد مهندس، وحصل على كورسات نظم ومعلومات، وحاليا مدير قسم النظم والمعلومات.

وحصلت تقى على الإعدادى المهني، وفى كل مراحل الدراسة حضرت بها جلسات تأهيل، وكلما نسمع عن أى شيء بخصوصها نذهب إليه، ووالدها أول مشوار له أثناء الإجازة هو مشوار الطبيب والتحاليل والأشعة أول أولوياته.

مرت الأيام وكبر أولادى وكبرت معهم.

أريد أن أذكر أن تقى جلست 5 سنوات فى المنزل، وكنت حزينة عليها وكنا لا نعرف أى شىء عن الدمج والرياضة فى البداية، وكنت أبكى على حالها وعلى جلوسها الدائم فى المنزل، وكنت دائمًا أطلب من والدتى الدعاء لها وكانت تعطينى الأمل.

ودائمًا عندى حسن ظن بالرحمن الرحيم، وتزوجت ابنتى الكبيرة، وزوجنا ابننا بعدها بسنة، والحمد لله رزقنى الله بأحفاد.

ولكن الأيام لا تسير كما نتمنى.

مرضت والدتى، سندى وبركة عمرى والصدر الحنون حين يسود أمام عينى موقف أو ظرف، المرض أقعدها سنتين لكن فى آخر 6 أشهر أصبحت رقيدة الفراش.

وأثناء تعب والدتى، مرض زوجى لمدة 3 أيام وتوفاه الله.

مهما كتبت وقلت لن تتخيلوا مدى الصدمة الكبيرة؛ أبو أولادى وعشرة عمرى كان رجلًا محترمًا، وترك لى فى رقبتى  الـ3 أولاد.

كان نعم الأب ولم يتخلَ عن تقى وكان يلبى كل طلباتها إلى أن توفاه الله، له منا ألف رحمة ودعاء مستمر فى كل وقت.

طبعَا أبنائي الكبار متزوجون لكن لا يستغنون عن بيت العائلة، وتقى أهم أحد يحتاج للاهتمام، وقبل وفاة زوجي رزقني  الله بأحد دلنى على الأوبرا، وذهبت بتقى للأوبرا وكان والدها في إجازته يريحني فى هذا المشوار، ومن هذا المشوار عرفنا أن من حقها ممارسة الرياضة، لكن والدها لم يصل لنادٍ قريب لتذهب إليه، ووافته المنيه فى هذا الوقت، وقفت ساعات العالم فى وفاته شهر واثنين وثلاث، لم أكن أقدر أن أعمل أى شىء، كنت أذهب إلى العمل وأهتم بوالدتى.

ورحلت والدتى بعد زوجى بـ7 أشهر، رحلت أمى وأختى التى لم أتركها أبدًا، هي تركتني، الحب الحقيقي الوحيدة التى تخاف عليَّ وعلى زعلى، تركنى أهم اثنين في حياتي.

لكني لاحظت شيئًا غريبًا؛ تقى عندما تنام لا تشعر بأي شيء، فكنت أبكى رغمًا عنى بصوت عالٍ لأننى أنا وهي فقط بالبيت، كانت تستيقظ بمجرد أن تسمع صوتى وتحتضني، وكأنها تقول لي أنا حضنك الجديد، أنا دنيتك القادمة، أنا سندك، وفعلا تقى هي من رسمت وأعادت البسمة على وجهي، وكأن ربك الكريم يقول لى سأعوضك فى تقى.

 التحقت بالنادي لعبت سلة وأخذت بطولات، وطلبت أن تكمل تعليمها وأخذت 3 سنوات منازل، ليكون معها دبلوم ولكن بدون دمج، وتم التقديم فى التنسيق لكن كان فى مدينة المستقبل وهو مكان بعيد، وحاليًا قدمنا تظلمًا لإلحاقها بمكان قريب من السكن.

وحياتى كلها تقى، دخلت استعراض وتغنى أغاني خفيفة، وربنا عوضه جميل جدًا.

أتعب فى مشوارى معها، وساعات كثيرة آخذها معى العمل عندما يكون لديها تدريب نادٍ أو استعراض أو أى شيء خاص بها، ويمكن أن نعود الساعة 8 أو 9 مساءً، والحمد لله تقى تغيرت جدًا.

وبحسب تشخيص الأطباء، فأنا الحمد لله عندى مشاكل فى القلب والعمود الفقرى، لكن مع حسن الظن بالله ومشاوير تقى الحمد لله أصبح أقوى.

وأولادى وأكثر القريبين يلوموننى ويطلبون منى أن أرتاح، لكن طول ما أنا عندى نفس لن أتركها، وأتمنى لها طول العمر والسعادة، لأنها العوض الجميل، هى بطلة حياتي، هى طبيبى، وأدعو لها بالمستقبل الجميل وأن يبارك لى فى أولادى.

انتهت القصة

……

تم اختيار قصتها من ضمن 30 أم معيلة، بطلات فى حياة أبنائهن، فى احتفالية يوم المرأة المعيلة، الحدث الأول في الوطن العربي.

يوم_المرأة_المعيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى