منتخب “الساق الواحدة”.. رحلة على “عكازين” لانتزاع حق الاعتراف انطلاق أول دوري لأصحاب الساق الواحدة محمد عبد العظيم: حلم طال انتظاره تامر بيجاتو: عمل مجتمعي هام

كتب : بشار سالم
منتخب “الساق الواحدة”.. رحلة على “عكازين” لانتزاع حق الاعتراف انطلاق أول دوري لأصحاب الساق الواحدة محمد عبد العظيم: حلم طال انتظاره تامر بيجاتو: عمل مجتمعي هام
حين كان المنتخب المصري يلعب مباراته الأولى أمام هولندا في كأس العام 1990 بمدينة باليرمو الإيطالية قفز الطفل محمود، وهو في سن الخامسة، أمام الشاشة الفضية، على ساقيه بعد سقوط المهاجم حسام حسن في منطقة جزاء المنتخب الهولندي، وسحرته منذ لحظتها كرة القدم.
وبعد 27 عاما، تحول الطفل إلى مشجع “مبتور الساق” إثر حادث سير وهو في سن السادسة.
ومع إحراز اللاعب المصري “محمد صلاح” هدف الصعود إلى كأس العالم بـ”روسيا” – قبل 5 سنوات – قفز “محمود” بساق واحدة، وعكازين، وشغف لم ينقطع بكرة القدم رغم إحباط متكرر من اللعب لأحد الأندية لعدم وجود “رياضة كرة قدم مبتوري الساق”.
أطلق الحالم بـ”تأسيس منتخب مصري لذوي الساق الواحدة” دعوة على فضاء “فيس بوك” تحت مسمى “تكوين فريق المعجزات”، بعد أن وثقت عدسات المصورين قفزته الشهيرة، ووصفته الصحف بـ”المشجع الطائر”، وفي 6 سنين شارك في بطولة أمم أفريقيا لـ”ذوي الساق الواحدة”، وحصل على اعتراف قبل عامين من اللجنة البارالمبية باللعبة، وأقنع مع زملائه أربعة أندية مصرية “بيراميدز، والمقاولون العرب، والزمالك، والنصر” بتشكيل فرق كرة قدم، وبعد أن يصل العدد إلى 6 أندية ستنعقد جمعية عمومية لإعلان تأسيس اتحاد مصري لكرة قدم “مبتوري الساق” حسب لوائح الاتحاد الدولي للعبة المعتمدة منذ 15 عاما.
بلا خطة واضحة، ودون إمكانيات تعزز من نجاح الدعوة إلى تكوين “فريق مصري لذوي الساق الواحدة”، تلقى محمود عبده، مؤسس الفريق، اتصالات هاتفية، ورسائل على صفحة “فيسبوك” من 9 لاعبين مهتمين بكرة القدم.
في أحد ملاعب “مدينة السلام” بالقاهرة، وقبل أن ينتصف شهر نوفمبر عام 2017، حرك اللاعبون الكرة فيما بينهم، وجددوا دماء الرغبة في تشكيل منتخب مصري ينافس في بطولات أفريقيا، بعد أن أخبرهم القائد بـ”تاريخ اللعبة” الممتد عبر 15 عامًا في بلاد عربية، وأوروبية.
ولم يكن اللقاء عشوائيا حسبما روى محمود عبده، فبعد انتشار صورته الملتقطة بـ”ستاد القاهرة” عقب مبارة الحسم أمام منتخب “الكونغو”، تلقى اتصالا هاتفيا من المدير الفني المتطوع آنذاك “يسري محمد”، لتأسيس فرقة احترافية، وإخراج الفكرة للنور.
وعقد المدير الفني الذي يعمل مدربا لتطوير المهارات أو ما يسمى في مجال كرة القدم “free style” اجتماعه مع اللاعبين التسعة، وطبق أفكاره التي اكتسبها من تدريب المصابين بالتوحد، على حد قوله.
خلال الفترة ما بين التأسيس وقبل انطلاق بطولة أفريقيا لذوي الساق الواحدة في نوفمبر ،2021 لم يتوقف سعي مؤسس الفريق باتجاه اعتماد اللعبة في اللجنة البارلمبية المسئولة عن رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة.
على ساق واحدة، وعكازين، وحلم مشترك، تحرك “محمود”، ورفاقه عكس اتجاه الإحباط المتكرر من عدم وجود “نادٍ رسمي”، ومدير فني ملم بقواعد اللعبة، وقوانينها المعترف بها في الاتحاد الدولي لـ”مبتوري الساق”، وقبل أن يغادر المدير الفني الحالم الفريق الجاهز للمغامرة، تواصل المؤسس مع نادي الإنتاج الحربي، أطلعهم على قوانين اللعبة، وتفاصيلها، وذيوع شهرتها في أوروبا، رافضا التعامل مع القضية على أنها مجرد تسلية.
لـ”اللعبة” تمارين خاصة، حسبما أوضح محمود عبده، وقواعد يمكن البناء عليها، وشروط لا بد أن تنطبق على اللاعبين، أقرها الاتحاد الدولي، ونقلها اللاعب لمديره الفني بعد اقتناع “إدارة الإنتاج الحربي”، وهي على الترتيب: أن يكون اللاعب مبتور الساق، أو لديه مشكلة في ساق واحدة، وأن يلعب بعكازين، كما أن حارس المرمى لا بد أن يكون سليم الساقين، ذي إعاقة في إحدى ذراعيه.
داخل ملعب “مبتوري الساق” لا يوجد تسلل، وشوط المباراة 25 دقيقة فقط، والفريق يتشكل من 6 لاعبين، وحارس مرمى، لا يجوز لأحد منهم لمس الكرة بالعكاز، والاستراحة 10 دقائق، ويحظر على حارس المرمى الخروج عن صندوقه الخاص.
أمام هذا كانت حاجة الفريق لمدرب محترف على رأس الأولويات حسبما أشار محمود عبده، لافتا إلى أن المدير الفني الجديد أسامة حسن استمع إلى محاضرات الاتحاد الدولي في هذا الشأن، وسعى فيما بعد اللقاءات التدريبية المجمعة إلى تهيئة القادمين الجدد من حديثي “بتر الساق” للتحرك داخل الملعب، وتمرير أصول اللعبة عبر التمارين المختلفة.
لا يقبل فريق “مبتوري الساق” إلا المهاريين فقط، لأن القوام الأساسي يرزح تحت طموح لا سقف له، واللاعبون لا يمارسون كرة القدم على سبيل الهواية، وفقط، فعلى بعد أشهر معدودة في الفترة من 2019 إلى نهاية عام ،2020 يترقب المنتخب المصري – غير المعترف به رسميا – المشاركة في بطولة أفريقيا المزمع انطلاقها في نوفمبر 2021، حسب طموحات “محمود” ورفاقه.
قبل عدة أشهر من انطلاق بطولة أمم أفريقيا لـ”مبتوري الساق” 2021، والتي استضافتها دولة تنزانيا، تلقى منتخب مصر دعوة من الاتحاد الدولي للعبة للمشاركة في البطولة، والدعوة وفقا لتصريحات حارس مرمى الفريق سيف سلامة جاءت في أعقاب تواصل مستمر مع الجهات الرسمية “الاتحاد العربي، والأفريقي، والدولي” استهدف التعريف بمنتخب مصر، وحرص ذوي الساق الواحدة على تأسيس اتحاد مصري، ودوري عام بعد موافقة الأندية المصرية على تشكيل فرق معتمدة لـ”مبتوري الساق”.
خلف هذه الدعوة توجه اللاعبون إلى نادي “بيراميدز الرياضي” كمحاولة لإقناع المسئولين بشعبية اللعبة في أوروبا، وأفريقيا، إلى جانب عرض “بريزنتيشن” عن الاتحادات العربية لـ”ذوي الساق الواحدة” في دول “المغرب، وفلسطين، والعراق”، وجميعهم حاصلون على عضوية الاتحاد الدولي.
موافقة “بيراميدز” فتحت نافذة أمل على الأقل من ناحية اللعب على ملعب مجهز، عطفًا على الدعم المعنوي للاعبين المصرين على المشاركة في بطولة “أفريقيا”.
ومع اقتراب الموعد، وجد لاعبو منتخب “مبتوري الساق” أنفسهم أمام عقبة دفع الاشتراك الرسمي للمشاركة في البطولة، ولم يكن ثمة بديل عن مخاطبة وزارة الشباب، والرياضة، وإطلاعها على الموقف كاملًأ.
أربعة معسكرات أقامها المنتخب الحائز على المركز السابع أفريقيا في البطولة الأخيرة، ودون مباراة ودية واحدة، سافر اللاعبون بعد وعد وزارة الشباب بدفع الاشتراك، والنظر في أمر الاعتراف البارالمبي الرسمي، ومخاطبة الأندية المصرية لتشكيل فرق تمهيدا لإقامة دوري عام لـ”مبتوري الساق”.
المنــافســات
سيف سلامة الحاصل على لقب أفضل حارس في بطولة أمم أفريقيا، والمرشح لعضوية الاتحاد العربي لـ”مبتوري الساق”، تحمل مسئولية المنتخب بعد احتراف كابتن الفريق محمود عبده في “الدوري التركي”، على حد قوله: أعد “عرضا وثائقيا تفصيليا” عن رحلة الفريق، ومبارياته القوية في بطولة “تنزانيا”، وشعبية اللعبة في أفريقيا، وانطلق لمقابلة رؤساء الأندية المصرية، متكئا على عكازه، ودعم مجموعة من الشركات الراعية التي سهلت من مهمة الاشتراك رسميا في البطولة.
وفي مايو الماضي استقبل عماد رمضان، أمين صندوق اللجنة البارالمبية المصرية، منتخب كرة القدم لـ”ذوي الساق الواحدة” بمقر اللجنة بـ”ستاد القاهرة الدولي” لإنهاء إجراءات تسجيل اللاعبين، وهي خطوة وصفها “سلامة” بـ”المؤثرة” في طريق حلم إقامة دوري كرة قدم داخل مصر بين 6 أندية على الأقل حسب لوائح الاتحاد الدولي.
على مدار 6 أعوام، وبعد توجيهات وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي في محطة ما بعد البطولة الأفريقية، تولد دعم رسمي لـ”ذوي السابق الواحدة” من أجل إنشاء كيان رسمي، يستهدف نشر اللعبة، وزيادة عدد ممارسيها بجميع محافظات الجمهورية، وتشكيل منتخبات لتمثيل مصر في البطولات الدولية.
إصرار اللاعبين الذي لم يصاحبه دعم من وزارة التضامن الاجتماعي لـ”مبتوري الساق”، وتدشينهم لحملات إعلامية واسعة تستهدف رؤساء الأندية المصرية، أسفر عن موافقة “بيراميدز، والمقاولون العرب، والنصر، والزمالك”، ويتبقى موافقة ناديين فقط – حسبما أفاد “سلامة” – لانعقاد جمعية عمومية، وتأسيس الاتحاد المصري لكرة قدم “مبتوري الساق”.
وفي الأندية التي شكلت فرقًا لـ”ذوي الساق الواحدة”، لا يتقاضى اللاعبون أجرًا حتى الآن مقابل التدريب، والمباريات، لكن فريق “بيراميدز” الذي يشكل لاعبوه قوام المنتخب الأساسي بصدد إبرام عقود احترافية للاعبيه، والحفاظ عليهم في ظل منافسة قد تنطلق مع شهر سبتمبر المقبل.
الاحتراف قريب
ويصنف أسامة حسن، المدير الفني لمنتخب “مبتوري الساق”، التجربة بـ”الشاقة”، فاللاعبون البالغ عددهم نحو 25 لاعبًا هم قوام الفريق الحالي، رغم انضمام نحو مائتي لاعب في الفترة الماضية، تجمعهم ساعة تمرين واحدة أسبوعيًا.
ويختلف تمرين كرة القدم لـ”ذوي الساق الواحدة” عن ذوي الساقين من ناحية القوة، وهو الأمر الذي لا يمكن شرحه تفصيلًا لتداخل عناصره – على حد روايته – ويستطرد قائلًا: “لك أن تتخيل تمرينًا داخل ملعب كرة قدم بين لاعبين يستندون إلى عكازين”.
والعكاز الخاص باللاعبين تعده ورشة خاصة، حسبما أضاف “حسن”، لأن اللاعبين يفضلون أن يكون خفيفًا خشية الالتحامات القوية التي تحدث أثناء التمرين، مؤكدًا أن بعض الجمعيات الأهلية العاملة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة تتبرع أحيانًا.
وعن إعداده مدربي كرة قدم “مبتوري الساق” على سبيل الجاهزية لإطلاق دوري عام بعد اكتمال نصاب الأندية المقررة في لوائح الاتحاد الدولي، قال إن هذه خطوة يجري الإعداد لها الآن، معربًا عن أمله في دعم أكبر، ورعاة لبطولات ذوي الساق الواحدة.
عطفًا على تصريحات المدير الفني، لم يخف محمود عبده تفاصيل احترافه في الدوري التركي، مشيرًا إلى تلقيه دعوة رسمية من بعض الأندية التركية للاحتراف، وهناك لم يتوقع اللاعب شعبية اللعبة، وقوة اللاعبين، حسب وصفه.
“محمود” الذي صار أبًا روحيًا لفكرة “كرة القدم لذوي الساق الواحدة” في مصر، لفت إلى أن رحلة احترافه المستمرة على مدار 3 سنوات ستفيد اللاعب المصري “مبتور الساق” في نقل خبرات الدوريات الأوروبية، وإطلاعه على مدارس جديدة في فنون اللعبة.
“اللاعب” الذي تلقى دعمًا معنويًا من قائد المنتخب المصري محمد صلاح أثناء مقابلة خاصة، قال: “لن أتوقف عن عرض لاعبي مصر على الأندية الأوروبية لتهيئة فرص الاحتراف بالخارج، حتى يصبح منتخب الساق الواحدة بأكمله من المحترفين، ويصنع تاريخًا للعبة يليق بمكانة مصر”.
وقد أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن الهدف الحاصل على جائزة “بوشكاش” لعام 2022، التي تمنح لصاحب أجمل هدف في كل عام.
وحصل البولندي مارسين أوليكسي على جائزة “بوشكاش” لعام 2021، التي تمنح لصاحب أجمل هدف في كل عام من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
وترشحت ثلاثة أهداف فى القائمة النهائية، بعدما تخطت القائمة المختصرة المكونة من 11 هدفًا، وقام كل ناخب باختياره الأول والثاني والثالث للجائزة.
وتم منح النقاط للمرشحين اعتمادًا على المكان الذي تم وضعهم فيه (خمس نقاط للأول وثلاث للثاني ونقطة للثالث).
وانطلق يوم 10 مارس، أول دوري مصري لكرة القدم لأصحاب الساق الواحدة.
وشارك في الدوري نادي بيراميدز، ونادي الزمالك، ونادي المقاولون العرب، ونادي زد الرياضي.
وقال محمد عادل، رئيس اللجنة الفنية لكرة القدم للساق الواحدة: “لدينا 4 فرق هي “بيراميدز، وزد، والمقاولون العرب، والزمالك”، ونطمح لزيادة عدد الفرق لتكوين دوري أكبر”.
وأضاف: “ذهبنا في العام الماضي إلى تنزانيا وشاركنا في البطولة الأفريقية وحصلنا علي المركز السابع، وهو أول تجمع لمنتخب مصر لمبتوري الساق”.
فيما قال محمد عبد العظيم، مؤسس بطولة دوري كرة القدم لمبتوري الساق: “أشعر بسعادة غامرة لانطلاق أول دوري لأصحاب الساق الواحدة بعد حلم طال انتظاره لمدة سبع سنوات هنا في نادي المقاولون العرب”.
وأوضح كابتن تامر بيجاتو، نجم منتخب مصر السابق: “أقل ما يمكن أن أقدمه هو الدعم النفسي لهؤلاء الأبطال، وهي بطولة مهمة جداً وعمل مجتمعي هام جدا، ويجب أن نوسع القاعدة الخاصة بهذا الدوري لأنهم أشخاص لديهم قدرات وإمكانيات كبيرة”.
وقالت سمر حمزة، البطلة الأوليمبية: “لم أحضر اليوم لأعطيهم الحافز والطاقة فحسب، بل لأكتسب منهم روح الإصرار والعزيمة والتحدي”.