90 دقيقة في الظلام.. عبد الباسط عزب مؤسس أول مطعم لعيش تجربة المكفوفين: أهدف لتوفير فرص عمل لذوي الهمم.. وطبيعة عملي ساعدتني على تنفيذ الفكرة

كتب : عبدالرحمن عادل
هل جربت أن تعيش في الظلام؟ لكي تشعر بالمكفوفين وتعيش حياتهم المظلمة، في تجربة مختلفة تستبدل الأدوار، فيعيش المبصر دور الكفيف، ويقود الكفيف المبصر، تأكل وتستمع إلى الموسيقى، وتغني وترسم، لكن في الظلام.
هكذا كانت فكرة الدكتور عبد الباسط عزب، مؤسس مطعم “في الظلام”، أول مطعم فريد في فكرته بمصر، ويقوم تحت إدارة كاملة من ذوي الإعاقة البصرية، وهو أول مقدم برامج تليفزيونية من المكفوفين في الوطن العربي.
وأوضح “عزب” أن هدفه الأول والأساسي من إنشاء هذا المطعم هو توفير فرص عمل للشباب المكفوفين بعيدًا عن الواقع الذي نعرفه ونعيشه منذ وقت طويل، حيث أراد أن يثبت للجميع أن الإعاقة والعجز ليس عجزًا جسديًا، وإنما العجز يكون عجزًا فكريًا، كما يهدف لتأكيد قيمة نعمة البصر من الله عز وجل.
وأكد أن أكبر دليل على صحة كلامه وتجربته أن مطعمه حقق نجاحًا كبيرًا بمساعدة هؤلاء الشباب، وفي فترة وجيزة، وأن جميع الخدمات والوجبات في مطعمه التي تقدم إلى الوافدين على المطعم من صنع المكفوفين وتحت إدارتهم وإرشادهم.
وكانت طبيعة عمل الدكتور عبد الباسط عزب هي العامل الذي ساعده على تنفيذ الفكرة، فهو يعمل رئيس المركز العربي للإعلام لذوي الهمم، لذلك كان يسافر كثيًرا ويتجول في دول أوروبا التي رأى فيها ولأول مرة مطعمًا في الظلام، فهو منتشر بشكل كبير في فرنسا التي تعد أشهر دولة في هذا الأمر، وتمتلك أكبر مطعم يسمى “Dans le noir“، وله عدة فروع أخرى حول العالم.
وذكر أنه عندما كان يتناول وجبة العشاء في هذا المطعم، سأل نفسه: “وما المانع من إنشاء وتنفيذ هذه الفكرة في مصر؟”، وبعدها قام بالتواصل مع إدارة المطعم لتنفيذ هذه الفكرة في مصر، وتوصل إلى اتفاق شراكة معهم بأن ينقل الفكرة إلى مصر تحت نفس الاسم وبنفس القواعد التي يتبعها المطعم الفرنسي.
وقال “عزب” إن أول خطوة فكر بها هي المكان الذي سيقوم بإنشاء المطعم فيه، وفكر في منطقة حدائق الأهرام، بسبب قربه من أحد أهم الأماكن الأثرية في مصر، بل في العالم، وهي الأهرامات الثلاثة، ما سيساعد على تنشيط السياحة وجذب السياح لخوض التجربة في مطعمه والتعرف على هذه الفكرة.
وأضاف أن الخطوة الثانية كانت التواصل مع إدارة المطعم الفرنسي لإرسال طاقم على أعلى مستوى يساعده في تدريب طاقم عمل من الشباب والبنات المكفوفين للعمل داخل المطعم، وبالفعل أصبح لديه طاقم عمل مميز قادر على التعامل مع هذه الفكرة بكل ثقة ونجاح.
وعند سؤاله: “هل توجد قواعد معينة يتم اتباعها عند دخول المطعم من قِبل الوافدين عليه؟”، أجاب الدكتور عبد الباسط عزب أنه على الزائرين أن يكونوا مدركين بشكل كامل لجميع القواعد التي يجب اتباعها خلال تواجدهم في المطعم، وأولها أن المرشد لهم يكون كفيفًا، ويتم تجميع الزبائن داخل ممر الاستقبال، وعند الوصول إلى حد معين يقوم المرشدون بإدخالهم لغرف الطعام في صفوف منتظمة، عن طريق وضع كل شخص يده على كتف الشخص الذي أمامه.
ولفت إلى أنه راعى تقاليدنا وثقافتنا الشرقية، حيث يكون المرشد لكل صف به شباب شابًا كفيفًا، وصفوف البنات على الحال نفسه.
ونوه إلى أنهم بعد ذلك يجلسون على الطاولات منتظرين الطعام الذي اختاروه، وتقل الأضواء تدريجيًا ليتمتعوا بالتجربة كاملة، وتكون هذه الخطوة قبل الأخيرة، وهي إدخالهم إلى الغرف المظلمة مع المرشدين ثم يتركهم يأكلون في الظلام عن طريق تحسسهم للطعام ومعرفة الذي طلبوه.
وبيَّن أن مدة التواجد أو التجربة داخل المطعم تكون 90 دقيقة، ثم يخرجون بنفس الطريقة التي تم إدخالهم بها مع تصاعد الأضواء مرة أخرى تدريجيًا بعد تجربة جديدة عاشوها ودامت معهم مدة ساعة ونصف الساعة.