حوارات

اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال.. الأعراض والعلاج

تحقيق مريم محمد شهير

يعد اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط حالة مزمنة تصيب ملايين الأطفال وتلازمهم حتى في مرحلة البلوغ.

ومن المشكلات التي يتم نَسْبُها إلى اضطراب الانتباه والتركيز؛ نقص الانتباه )Lack of attention، وفَرط النشاط أو الحركة (Hyperactivity)، والسلوك الاندفاعيّ (Impulsive behavior(.

ويعاني الأطفال الذين يصابون بهذا الاضطراب بشكل خاص من تقييم ذاتي متدنٍّ، وعلاقات اجتماعية إشكالية، وتحصيل متدنٍّ في المستوى التعليمي.

ورغم أن العلاج المتوفر لهذا الاضطراب ليس قادرًا على شفائه، إلّا أنه قد يساهم في معالجة أعراضه، ويشمل العلاج عادةً الاستشارة النفسية، أو تناول العقاقير الدوائية المناسبة، أو قد يتمثل في الدمج بين كليهما.

وقد يثير تشخيص الاضطراب مشاعر الخوف بل الرعب، كما قد تشكل الأعراض التي تصاحب الاضطراب تحديا يتحتم على الأهل والأطفال مواجهته على حدٍ سواء، إلّا أن علاج هذا الاضطراب قد يشكّل نقطة تحول إيجابية، وبالتالي قد يبلغ معظم الأطفال الذين يعانون من الاضطراب ليصبحوا فعّالين، ومفعمين بالحياة وناجحين.

ورغم أن علامات اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يمكن أن تظهر في الأطفال في عمر ما قبل المدرسة أو الأطفال الأصغر عمرًا، فإن تشخيص الاضطراب في الأطفال الصغار صعب جدًّا، ذلك لأن المشاكل التنموية، مثل تأخر المهارات اللغوية، قد يُخلَط بينها وبين اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط.

لذلك فإن الأطفال في سن ما قبل المدرسة أو الأصغر سنًّا والذين يشتبه في إصابتهم باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، من المرجح أن يحتاجوا إلى التقييم من قبل اختصاصي، مثل اختصاصي علم النفس أو طبيب نفسي أو اختصاصي أمراض النطق أو اختصاصي في نمو الأطفال.

 وقالت والدة طفلة مصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إن ابنتها عندما كان عمرها 4 سنوات، كانت تظن أنها طفلة شقية ومشتتة، ولكن عندما قرأت عن المرض لاحظت أن أعراضه تنطبق على سلوك ابنتها.

وأضافت أن والد الطفلة كان يرى أنها (الأم) تبالغ، وأن ابنتهما ليست مريضة، لكنها صممت على موقفها، وكشفت على ابنتها وعرضتها على 3  أطباء وإخصائيي طفولة، وشخصوها باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

وأشارت إلى أنها تعاني من عدم تقبل المجتمع لابنتها، ووصفت معاناتها بأنها “تعوم في بحر واسع عكس التيار”، لافتة إلى أنها تبذل أقصى جهدها حتى تعوضها.

وأوضحت أن ابنتها ترفض أي أمر أو طلب بأي صورة إلا قليلًا جدًا، وتناهدها في كل شيء، وكثيرة الحركة، وعندما تريد أن تعطي لها الدواء تحاول بكل الطرق مسايستها حتى تستجيب، وتطلب منها أن تتخيل معها مثلًا بحرًا أو قمرًا، لأن ابنتها تحب التخيل ومرضى فرط الحركة وتشتت الانتباه عموما، وتكافئها على أي سلوك مفيد، كأن تقوم مثلا بلصق ستيكرات على يديها بأشكال نجوم ووجوه ضاحكة.  

وفيما يلي، نتعرف على أنواع اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، وأعراضه، وطرق علاجه.

أنواع الاضطراب

قد تزيد بعض الأعراض عن غيرها؛ ولكن هذا لا يعني بالضرورة انعدام الأعراض الأخرى.

وقد تتغير نسبة ظهور الأعراض في المراحل العمرية المختلفة، كأن يظهر فرط الحركة والاندفاعية قبل عمر المدرسة، وبمجرد دخوله المدرسة يبدأ تشتت الانتباه في الظهور بشكل أوضح من غيره.

1 – تشتت الانتباه:

  • يغلب لديهم أعراض تشتت الانتباه أكثر.
  • نسبته لدى الإناث أعلى من الذكور.
  • 2 – فرط الحركة والاندفاعية:
  • يغلب لديهم أعراض فرط الحركة والاندفاعية أكثر.
  • نسبته لدى الذكور أعلى من الإناث.
  • 3 – النوع المشترك:
  • يشمل تشتت الانتباه مع فرط الحركة والاندفاعية.
  • يعد النوع الأكثر انتشارًا.
  • تظهر لديهم جميع أعراض تشتت الانتباه مع فرط الحركة والاندفاعية بنفس الدرجة تقريبًا.

الاضطرابات المصاحبة:

 الاضطرابات التي قد تظهر في ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه هي:

صعوبات التعلم:

  • والتي تزيد من صعوبة الحفاظ على الترتيب، والاستيعاب، والاستجابة للأوامر أو الطلبات لدى الأشخاص خاصة ذوي الاضطراب.
  • يعد عسر القراءة وعسر الحساب أكثر صعوبات التعلم انتشارًا بين ذوي الاضطراب.

 

اضطراب العناد الشارد أو اضطراب التحدي الاعتراضية:

  • يتصف المصابون به بكثرة الجدال، وسرعة الغضب وفقدان الأعصاب، ورفض اتباع القواعد، إلقاء اللوم على الآخرين، وإزعاج الآخرين عمدًا.
  • يغلب على طبعهم العنف بأنواعه )لفظيًّا أو جسديًّا( مع الناس أو الحيوانات، والكذب، والسرقة، والهروب من المدرسة أو المنزل. أما بالنسبة للبالغين فإنهم غالبًا ما يقومون بتصرفات توقعهم في مشاكل قانونية بسبب طباعهم العنيفة.

الاضطرابات المزاجية:

  • تتضمن الاكتئاب، والهوس، واضطراب ثنائي القطب.
  • تتصف هذه الاضطرابات بتغير شديد في المزاج، فقد يستمر الطفل في البكاء أو القلق لأوقات طويلة قد تستمر لأيام دون أي سبب.

اضطرابات القلق:

  • يعاني المصابون بهذه الاضطرابات من قلق مفرط تجاه الشئون العائلية والمدرسية أو حتى المهنية.
  • يبدأ الاضطراب بالإحساس بالضغط ثم الأرق، وفي الحالات الشديدة قد يتعرض البعض لنوبات ذعر.

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد يظهر لدى:

  • طيف التوحد
  • متلازمة توريت.

الاضطرابات المشابهة:

  • اضطرابات النوم.
  • ​اضطرابات الغدة الدرقية.

الأسباب

لا توجد أسباب واضحة ودقيقة حول سبب حدوث الاضطراب؛ ولكن توجد بعض الدراسات التي أثبتت ارتباط الاضطراب ببعض العوامل )مثل: التاريخ العائلي، والتعرض للسموم، والتعرض لإصابات أثناء الحمل أو الولادة أو الشهور الأولى بعد الولادة(.

 

الأعراض

التشتت وعدم الانتباه:

  • عدم الاهتمام بالتفاصيل والوقوع في الكثير من الأخطاء بسبب الإهمال.
  • صعوبة كبيرة في الحفاظ على التركيز والانتباه.
  • لا يبدو وكأنه يستمع لمن يتحدث معه.
  • سهولة التشتت بأي مؤثرات خارجية.
  • صعوبة في اتباع التعليمات والتوجيهات، خاصة المعقد منها أو المتسلسلة.
  • صعوبة في الترتيب والتنظيم أو الحفاظ عليهما.
  • كره وتجنب المهام التي تتطلب جهدًا عقليًا وتركيزًا مستمرين.
  • فقدان الأدوات بسهولة.
  • نسيان الأنشطة والمهام اليومية.
  • التنقل من نشاط أو مهمة إلى أخرى دون إنجاز أي منهما.

فرط الحركة:

  • الصعوبة في البقاء جالسًا لمدة طويلة.
  • الركض والتسلق كثيرًا وفي أي مكان )في الأطفال(.
  • الثرثرة والتحدث كثيرًا.
  • العبث باليدين والقدمين كالتأرجح أثناء الجلوس على الكرسي.
  • صعوبة المشاركة في الأنشطة بهدوء.
  • الملل بسرعة.

الاندفاعية:

  • الإجابة عن الأسئلة قبل الانتهاء من طرحها، وعدم انتظار المدرس للسماح له بالمشاركة في الفصل.
  • صعوبة انتظار الدور في الطوابير.
  • مقاطعة الآخرين في الحديث.
  • عدم التفكير والاهتمام بعواقب الأمور أو الخوف منها.
  • التهور والمشاركة في الأنشطة الخطرة دون تردد.
  • عدم القدرة على كبت ما يريد قوله بغض النظر عمن يتحدث معه.

أخرى:

  • الفوضى.
  • ضعف العلاقات الاجتماعية وصعوبة تكوينها.
  • ضعف الثقة بالنفس.
  • الإلحاح.
  • حب الإبهار ولفت الانتباه.
  • عدم الاهتمام بالنظافة والمظهر الخارجي.

ورغم أنه من الطبيعي أن يكون لدى الشخص بعض من هذه الأعراض؛ ولكن يبدأ الاشتباه بالاضطراب في حال كانت:

  • حادة جدًا.
  • تظهر في كثير من الأحيان.
  • تؤثر سلبًا في حياتهم الاجتماعية، وأدائهم الدراسي أو إنتاجيتهم في العمل.

العلاج

يعتمد علاج الاضطراب على ثلاث ركائز أساسية يكمل بعضها بعضًا:

  • العلاج الدوائي

يساعد على زيادة التركيز والانتباه لمدة أطول، تقليص الحركة والاندفاعية، وتنقسم الأدوية المستخدمة إلى نوعين:

  • الأدوية المنشطة

تعمل على تنشيط الناقلات العصبية، وبالتالي رفع القدرة على التركيز والتحكم بالسلوكيات.

  • الأدوية غير المنشطة )المثبطة(.

تعمل على تقوية المستقبلات الكيميائية في خلايا الدماغ وزيادة فعالية الناقلات العصبية لتحسين القدرة على التركيز.

 

  • العلاج السلوكي والتربوي

يعتمد هذا العلاج على تعديل سلوكيات الطفل عن طريق أساليب واستراتيجيات يستخدمها الأهل؛ لاستبدال سلوكياته السلبية بالإيجابية وتدريبه على اكتساب مهارات جديدة.

 

العلاج الدوائي فعَّال في سيطرة على أعراض الاضطراب الرئيسة؛ ولكن استخدامه وحده لا يغني عن العلاج السلوكي والتربوي المكملين له.

 

الوقاية

رغم صعوبة الوقاية منه )تكاد تكون مستحيلة في حال توفر أكثر من عامل خطورة(، إلا أنه توجد بعض الطرق التي قد تقلل نسبة الإصابة به؛ ولكن لا توجد دراسات كافية تثبت فعاليتها:

  • حماية الطفل أثناء الحمل أوفي السنوات الأولى من عمره من التعرض لأي ملوثات بيئية كالرصاص )طلاء الجدران المحتوي عليها(والزئبق ومبيدات الحشرات.
  • تجنب التدخين خاصة أثناء الحمل )سواء للأم أو الأب( أو حتى التواجد في أماكن يكثر فيها المدخنون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى