بهجة رمضان لا تختلف كل عام، فالمسلمون ينتظرون هذا الشهر بفارغ الصبر، هو شهر البركة والرحمة والغفران، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب جهنم.
ومن قبل ثبوت هلال رمضان تجد بهجة وفرحة رمضان في جميع الشوارع، وتبدأ التجهيزات والاحتفالات، بزينة رمضان وأنواره وفوانيسه المعلقة، هذا الشعور الجميل الذي ينتظره المسلمون كل رمضان في مصر يختلف تمامًا عن أي دولة أخرى.
فلا شك أن رمضان في له أجواءً وروحًا تختلف عن باقي البلاد، وتبدأ في سماع أغاني رمضان المبهجة التي تجدد الملل وتدخل على قلوب الجميع السعادة.
وتبدأ الأمهات في تجهيز وتحضير متطلبات هذا الشهر، ويزيدها جمالًا منظر الأطفال وبيدهم فوانيس رمضان، وهم يغنون الأغاني الرمضانية.
شهر رمضان المبارك له أفضال كثيرة، ففيه الدعاء مجاب بإذن الله، ودعوة الصائم لا ترد، وفيه الرزق الواسع، حيث توزع شنط رمضان على المحتاجين، وتقام موائد الرحمن.
وفيه تفتح أبواب التوبة وتكثر الحسنات وأجر الصيام، فهو شهر العبادات وفيه تكثر الصدقات للفقراء، وينتشر الخير بين الناس، فهو الشهر الذي نزل فيه القرآن الكريم.
ومع ثبوت هلال رمضان تبدأ المعايدات وتبادل التهنئة بين المصريين، وتنتشر أجواء رمضان في مصر كلها، وكأن الشوارع تعلم بمجيء هذا الشهر المبارك، فزينته الملونة وفوانيسه المعلقة والأنوار المضيئة تتكلم عن مدى بهجة وفرحة الناس بهذا الشهر.
ويقدم لنا شهر رمضان المبارك الدروس المعبرة، حيث يشعر فيه الصائم بجوع الفقراء والمحتاجين، فيصبح قلبه أكثر رفقًا بالآخرين، وتبدأ صلاة التراويح مع أول أيام رمضان، فيتجمع الأصدقاء والأهل والجيران لأداء الصلاة فى جماعة، فلها أجر كبير، وبعدها يستريح الشباب قليلًا ليبدأوا مباريات كرة القدم الرمضانية الخاصة بكل شارع.
ويبدأ المسحراتى جولته ليعلن اقتراب ميعاد السحور ويفيق النائم من غفلته وتنتهى جولة كرة القدم ليعودوا إلى بيوتهم ليبدأ تجمع الأسرة أمام مائدة الطعام ليتناولوا السحور في جماعة، وكل ذلك في جو مليء بالبهجة والروح الرمضانية، ومع صوت أذان الفجر يبدأ يوم جديد مليء بالطاعة والغفران والأجر الواسع.
ومن أهم مظاهر الاحتفال بشهر رمضان فى مصر؛ هي موائد طعام تنصب فى الشارع يتجمع عليها المسلمون والفقراء، ومع أذان المغرب يتسابق الجميع لتقديم المشروبات وإفطار الصائمين لينالوا الأجر، ثم يؤدون صلاة المغرب فى جماعة.
وفى بعض الأحياء الشعبية، وبالأخص المناطق التى يترابط أهلها، تجدهم يخصصون يومًا لإفطار جماعى لكل العائلات فى نفس الشارع، فكل عائلة تعد ما تستطيع من طعام، وهو شعور جميل يكاد لا يتكرر فى الشهور الأخرى.
فرحة رمضان ولمة العائلة
من أجمل المظاهر الرمضانية فى مصر هى لمة الأهل والأقارب، وتجمعهم على مائدة واحدة، والضحك لا ينقطع من هذه اللمة.
ومن أجمل ما يحدث فى هذا الشهر هو شنط رمضان التى توزع على الأهل والأقارب والمحتاجين، وتخلق فرحًا وسعادة لكل محتاج حتى يستطيع الفقير أن يصوم شهر رمضان.
وفى العشر الأواخر يتجمع الجيران من نفس المنطقة، ويجمعوا ما استطاعوا من المال ليشتروا حلوى عيد الفطر وملابس ليوزعونها على الفقراء والأطفال اليتامى غير القادرين على الشراء، فقد فرضت الزكاة على المسلمين، ليدخلوا على قلوبهم الفرح والسعادة، وقضاء رمضان فى مصر حقًا يستحق التجربة والمشاركة مع الأحباء.
وهنا نعلم أهمية لمة رمضان، فتجد أنها تعيد الترابط الأسرى وتنشر المودة والرحمة بين الناس، وتعيد لهم كل من كان بعيدًا، وتلم شمل العائلة مرة أخرى، وتجد الجد والجدة تتجدد لهما الروح بقدوم هذا الشهر، فيجمعو أبناءهما وأحفادهما، وبعد الإفطار تبدأ جولة الحكايات عن الذكريات، وكيف كان رمضان في الأعوام الماضية، وتكتمل اللمة العائلية برمضان.
ما فوائد شهر رمضان؟
له عدة فوائد، فهو يحمى الجسم من الأمراض والسموم، حيث يعمل الصيام على تنظيف الجسم من السموم، والتخلى عن العادات السيئة، فشهر رمضان هو شهر الطاعات، وهو فرصة لترك كل الأشياء السيئة وبدء صفحة جديدة مع ربنا سبحانه وتعالى.
شهر رمضان مدرسة حقيقية للكبير والصغير، يعلمهم الصبر والرحمة والاقتراب من الله، وحفظ القرآن وختمه.
فضل صيام شهر رمضان
جاء فضل رمضان المبارك في الكتاب والسنة، حيث جاء فى حديث عن أبي هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “قد جاءكم شهر مبارك فرض عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم”.
وقال النووى “رحمه الله: “صام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تسع سنين لأنه فرض فى شعبان فى السنة الثانية من الهجرة”.
نبذة دينية من الشيوخ عن فضل وكيفية أداء الفرائض
ومع بداية شهر رمضان، تبدأ الدروس الدينية بعد التراويح ويعلمنا كبار العلماء والشيوخ، كيفية أداء الفروض، ويحدثوننا عن أهمية هذا الشهر وعن خيراته الكثيرة، ويشجعون الأطفال على قراءة القرآن وختمه.
ويعلمنا الشيخ أهمية الصيام وأنه فرض وأجره عظيم ويعلم الصبر وتحمل المشقة، ويربط العبد بربه ويعلمنا تأدية الفرائض، وكيفية القرب من الله وكيفية الصوم، فالصوم يعنى الامتناع عن الطعام والشراب، والكذب والنفاق والأمور السيئة التى نهانا الله عنها.
ومع بداية آخر عشرة أيام في رمضان، تبدأ صلاة التهجد، وفيها ليلة القدر التي يكلمنا مشايخنا عن أهميتها، فهي قادرة على تغيير قدرك فى لحظة، والتي قال الله تعالى عنها فى كتابه الكريم “ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر”، والذي يحمسنا لأن نكثر فى دعائنا وقيامنا وقربنا من الله.
وبعد انتهاء الفرض فى الجامع، يبدأ الشيخ بالخطبة، والتى يكلمنا فيها عن دروس مختلفة تقوى إيماننا، ولكي يفوز المسلمون فى هذا الشهر الكريم.
موجة الغلاء تطال الفوانيس وتجهيزات رمضان
أصبح الغلاء شديدًا، ومع قدوم شهر رمضان ارتفع سعر الفوانيس، وأصبح شراؤها صعبًا، وتوجد مجموعة من الناس لم يشتروا واهتموا بشراء الأولويات مثل الطعام.
ولكن الغلاء لم يتوقف عند الفوانيس فقط، بل طال كل السلع، وهذا صعب على المشترين والبائعين.
وهناك من تعلم صناعة الفوانيس وقال إنها موفرة عن شرائه، وأن الأسعار هي التي دفعته لمحاولة تعلم صناعة الفوانيس القماش أو الخيامية حتى يستطيع مواجهة الغلاء.
أسعار الفوانيس وأحجامها
مع هذا الغلاء نجد أسعار الفوانيس في 2023 مرتفعة جدًا، فسعر
الفانوس الذهبي المعدن الصغير 150 جنيهًا، والكبير من نفس النوع 320 جنيهًا، و550 جنيهًا بشكل مختلف.
ويوجد فانوس خشبي مطبوع بالصور وبه صوت، ويبدأ من 80 إلى 360 جنيهًا، وفانوس خشبي بداخله عروسة بـ200 جنيه.
وعلبة فانوس رمضان الخشبي بـ150 جنيهًا، والفوانيس البلاستيك تبدأ من 30 إلى 100 جنيه.
كما توجد فوانيس خشبية ملونة ومعدن ملون أيضًا، يتراوح سعرها بين 75 و85 جنيهًا.
حركة البيع هذه السنة مقارنة بالسنة الماضية
مع دخول موسم رمضان، ينشط الحرفيون وأصحاب الورش، ويقدمون الأشكال المختلفة من الخياميات وزينة رمضان ومختلف الأشكال المتعلقة بالزينة الرمضانية.
ونجد أن ارتفاع الأسعار جعل حركة البيع هذه السنة أقل بكثير من الأعوام الماضية.
وأكد بعض البائعين أن معظم من ينزلون السوق يسألون عن الأسعار ويغادرون، ما جعل التجار يحاولون تخفيض الأسعار عن طريق الخصومات والعروض، لتشغيل حركة البيع.
وقال أحد التجار إن البضاعة كثيرة والشراء قليل، وهذا يجعل الدخل منخفضًا مقارنة بالسنين الماضية، فكانت البضاعة تنتهى فى بداية الموسم، ويبدأون فى تحضير الموسم الجديد، والآن يكتفون بالكميات الموجودة فى المخازن.
أما في السنين الماضية، فكانت حركة البيع مرتفعة عن هذه السنة، وكانت المخازن فارغة قبل نهاية الموسم.
ومع ذلك، توجد مجموعة كبيرة من الناس يقولون إنهم مضطرون للشراء لأنه شهر فى السنة.
وهناك مجموعة قررت أن تشترى ولكن بحدود، عكس ما كان يشترونه السنة الماضية، فالآن يشترون الأولويات أو المهم أو الأقل
سعرًا، وهاتان المجموعتان هما من جعلتا حركة البيع موجودة هذه الفترة، فمهما كان البيع طول السنة، فإن أعلى إيرادات تكون فى شهر رمضان فهو موسم، وله مستلزمات وتجهيزات.
الخيامية وأسعارها وانتشارها هذه السنة والسنة الماضية
تعد الخيامية من الأشياء المشهورة فى رمضان، فتتعدد أشكالها ورسوماتها الرمضانية، وعليها إقبال كبير من المشترين، ومع اقتراب رمضان كل عام يبدأ البائعون وأصحاب الورش فى تجهيزها، وينتشر وجودها بالغورية والدرب الأحمر والموسكي،
وأسعارها تبدأ من 20 و50 جنيهًا للمتر.
ويوجد منها المصنوعة بالبلاستك المنقوش عليها أشكال فنانيس وبوجى وطمطم، وتتنوع أشكالها وصورها، بالإضافة إلى تنوع خاماتها، وكان سعرها 85 جنيها، ومع كل خامة أو شكل يختلف السعر ويتنافس البائعون لتخفيض سعر المتر من قماش الخيامية ليجذبوا الزبون لهم.
والمميز أن أقمشة الخيامية لم ترتفع فى السعر بشكل عالٍ، ما جعل لها القبول فى الشراء بشكل جيد، فتتعدد وتختلف طرق الاحتفال بشهر رمضان.
والخيامية المطبوع عليها الرسومات هى الأكثر شهرة، فكثير من الناس يشترون قماش الخيامية لتزيين البيت والكافيتريات والمطاعم والقهاوى، لذلك فإن قماش الخيامية مهم فى زينة شهر رمضان.
وكل سنة يبدأ أصحاب الورش في صناعة أقمشة الخيامية مع تجديد أشكالها ورسوماتها، ليجذب الزبون مرة أخرى بأشكالها الجديدة.
آراء التجار في حركة البيع والشراء ومواجهة غلاء الأدوات
آراء البائعين لا تختلف كثيرًا، فالكل يقول إن الغلاء جعل نسبة الشراء ليست كبيرة مثل كل سنة، وأنهم يحاولون البيع وإقناع الزبون، ولكن أغلبهم يمشون.
ولأول مرة فى رمضان يغيب المشترون والسائحون الأجانب عن مناطق الشراء التى كادت تخلو شوارعها من المشترين، وأصبحت حركه البيع والشراء ضعيفة، وكانت الجملة الشهيرة لأغلب البائعين:
“بقالنا فترة مش عارفين نعمل إيه بسبب قلة الزبائن والبيع”.
وأكد أحد التجار ضيق الحال الذى حل بهم، وأن البضاعة تراكمت فى المخازن بعكس السنين الماضية التي كانت تنفد فيها، وكان الحال متيسرًا والإقبال على الشراء عاليًا جدًا، ولكن الآن ضعف الإقبال على الشراء بسبب عوامل كثيرة، من ضمنها الأزمات الاقتصادية.
ويقول تاجر آخر إنه يحاول البيع عن طريق العروض والتخفيضات، ولكن عدد المشترين ليس كبيرًا مثلما كان من قبل، وأكثر المشترين هم من الفئة الغنية أو المستريحة ماديًا.
وأوضح آخر أنه كان يبيع فى بداية الموسم وتفرغ المخازن، ويبدأون في تجهيز البضاعة الجديدة، والآن تراكمت وأصبح الأمر صعبًا، وهذا العام يختلف عن الأعوام الماضية التى كانت تشهد إقبالًا كبيرًا فى كل موسم.